top of page
Writer's pictureBahaa Awaad

اللعبة




( الفكرة )

دراما الاله مع البشر .. الغني مع تراكم ثرواته .. مع قدرته انه يشتري اي شيئ في الوجود .. بلمسة على شاشة من ايده .. و السلطة اللي بقا يحسها .. زي ما تكون مجال محيط بيه .. مجال غير مرأي لكن محسوس .. اثير من السلطة بيشع منه .. بيخلي لنظرته معنى و تمن .. لأشارة من ايده آثار و توابع .. اما كلمة او همسة منه .. فدي بتخلي رجال يستعيدوها في ذاكرتهم لأيام .. يحكوها لأصدقائهم و لزوجاتهم .. مع كل ده .. او للملل من كل ده .. قرر فجأة انه يلعب لعبة .. لعبة شبيهة بدراما الانسان و الاله الازلية .. جمع اهم ثلاثة من موظفيه .. الثلاثة هما اشطر الموظفين في امبراطورية اعماله .. اذكاهم و انجحهم .. و اكثرهم طموحا .

( الاجتماع )

الغني و موظفيه الثلاثة .. في غرفة الاجتماع المغلقة .. بدأ يتكلم و انظارهم متثبتة عليه .. اهتمام بكل حرف بينطقه .. زي ما يكونوا بيتنفسوا كلماته .. بدأ بقصة غريبة عن الطموح .. و ان ابليس من لحظة ما اتخلق .. هو اكثر الكائنات طموحا .. و الطموح .. و الاخلاق .. و الضمير .. و مع نهاية كلامه كانت اتضحت تماما كل التفاصيل المتعلقة بالعرض اللي عرضه عليهم .. شيئ ما في وشوشهم جميعا .. كان بيقول بوضوح لأي حد كان ممكن يشوفهم وقتها .. ان حياتهم اللي فاتت .. من اللحظة دي انتهت تماما .. و اللي جاي من حياتهم هو شيئ جديد .. مختلف تماما .

( تفاصيل اللعبة )

الغني .. زي ما كلهم عارفين .. مالوش ابن و لا وريث واضح .. اعلن لهم و اقر .. انه ح يسلم في وصيته امبراطوريته كاملة .. لواحد منهم هما الثلاثة .. ح ينجح في الاختبار .. واحد ح يعتبر منذ لحظة اعلان نجاحه .. الرجل التاني في هذه الامبراطورية .. قانونيا .. و امام الناس كلها .. في خلال عام واحد فقط .. من لحظة نهاية الاجتماع .. الاول : مطلوب منه ان امرأة تقع في حبه بجد .. و انه يعلن لها في النهاية انه مضطر يسيبها و يرحل .. و المطلوب هو دموعها .. دموع حقيقية حارة .. تسيل منها و تتدفق .. مطلوب منه كمان انه يصورها يصور الدموع الحارة الغزيرة .. في فيديو قصير .. على تليفونه المحمول . الثاني : مطلوب منه ينجح في مساعدة مجموعة ما من المدمنين .. مدمنين شرب و كحول .. يساعدهم و يرتبط بيهم .. و يعلن لهم في نهاية العام .. انه مضطر يسيبهم و يرحل .. و برضه مطلوبة الدموع .. دموع الفقد من مدمنين ح يفقدوا راعيهم و منقذهم .. و التليفون المحمول .. و فيديو بيصور دموعهم .. او على الاقل دموع اغلبهم . الثالث : مطلوب منه علاقة شبيهة .. لكن بمجموعة اطفال يتامي .. يعطيهم الامل و الارشاد و السعادة .. و طبعا في النهاية اعلان الرحيل و الفقد .. و الفيديو .. و الدموع .

( الاول )




مدهش اللي بقى ممكن تشتريه .. لو عندك القدرة تدفع .. اشتراك بتعمله مع موقع متخصص .. بيمدك بمجموعة محاضرات و مقالات و فيديوهات .. ازاي تبدأ الكلام مع امرأة في نادي او مقهى او بار .. ازاي تتجنب الاخطاء الشائعة المشهورة .. و اخطاء مش شائعة و لا مشهورة .. ازاي تعبرها و تتجنبها .. ازاي تستغل ان المكان فيه ضوضاء لصالحك .. و ازاي تستفيد من هدوء الاماكن الهادية .. بيختارلك تلبس ازاي و تمشي ازاي .. و ترد عالهاتف ازاي .. تكتب ايه في رسائل التيكست .. تبدأ المكالمة التليفونية ازاي .. و تنهي المكالمة ازاي .. مع امرأة .. اي امرأة .. بعد هذه الكورسات .. ح تظهر كل حاجة امامك .. زي خرائط واضحة .. واضحة القراءة .. و واضحة الاكتشاف . ما اسهل انك تكون دون جوان متعدد العلاقات النسائية .. فقط اذا كانت روحك طيعة .. و سهلة التعلم .. بعد عشرات العلاقات .. بعد كثير من الفرص و المحاولات .. و مع اقتراب العام من نهايته .. بعد ما بدأ اليأس يتملكه .. لاقاها اخيرا .. و نفذ بالحرف كل اللي ممكن يخليها تتعلق بيه .. في جلسة النهاية و الوداع .. و اعلان الرحيل .. شعور غريب .. احساس بيملا كيانه .. .. رغبة لا تقاوم .. انه يقولها خلاص مش امشي .. ح افضل معاكي و لتأتي نهاية العالم بعدها .. انه ينسى المنصب و الامبراطورية و الفلوس و النفوذ .. و ياخدها من ايديها لرحلة مع بعض لوحدهم .. الى الابد .. يحتويها بكامل كيانها جواه ... و يذوب بكل حتة فيه في اعماقها .. حس بخوف .. زي خوف انسان مدرك انه بيقاوم رغبة جارفة انه يرمي نفسه من الدور العشرين .. لما ادرك فعلا انه بيفكر بجدية يرمي كل حاجة ورا ضهره و ما يبقاش فيه في وجوده شيئ غيرها .. حس بخوف انسان على وشك الانتحار .. اما الخجل .. موجه خجل .. عالية و عاتية .. فأتى زي جلاد بيضربه بكرباج من غير رحمة .. لما بدأ يطلع تليفونه و يصور دموعها .. خجل حس انه ح يفضل يطارده .. لغاية آخر يوم من ايام حياته .


( الثاني )



ما اغرب ان الناس تلتحف بالضعف .. ان الانسان يتسند على اضعف ما فيه .. و يظهر بيه قدام مجموعة غرباء .. زي اعرج بيتسند على عكاز .. يمشي بيه وسط الناس .. ده الاحساس اللي جاله لما بدأ يحضر جلسات التعافي من ادمان الكحول .. حس انه قدام ناس مسنودة على نقاط ضعفها .. كل واحد بيطلب الكلمة و يبدأ يحكي .. كان بيظهر قدامه زي كائن من كوكب تاني سكانه من المعوقين .. و جاي لكوكب الارض مستند على اعاقته زي ما تكون ميزة .. و ليه تم اختياره بالذات للنوع ده من الاختبار .. ده اكبر سؤال حيره .. هوه اللي عمره ما كان للكحول اي مكان في حياته .. لا كان عنده وقت للشرب .. و لا مساحة لا لترفيه و لا قعدة سمر .. المذاكرة .. و الشغل .. و التفوق .. هي دي كانت مكونات ادمانه الحقيقي .. ما كانش قدامه حل غير قبول التحدي .. التراجع امام اي تحدي مش من صفات المعدن اللي هوه مصبوب منه كأنسان .. و علشان يفهم ازاي يقدر يرتبط بالناس دي و يؤثر فيها التأثير المطلوب .. بدأ يشرب هوه نفسه .. و بما ان جلساتهم .. هي جلسات ناس قررت التعافي من الشرب .. فده بالظبط الدور اللي هوه قام بيه زي ممثل محترف .. كان بيشرب علشان يفهم الموضوع اللي هوه بيتكلم عنه .. لكن في الجلسات .. كان بيظهر على انه مدمن كحول قديم و تعافى .. حكى قصص متلفقة مالهاش اي نصيب من الواقع .. ... كلها تأليف في تأليف .. عن اصحاب سابوه و هجروه .. عن نساء صدمهم و صدموه .. و قبل نهاية السنة .. كان نجح انه يكون قائد المجموعة و ملهمها .. زي ما نجح في اي تحدي حطه قدامه في حياته .. لما اعلن لهم انه مسافر و ح يسيبهم .. و لما بدأت الكلمات المؤثرة .. عن الفراغ اللي ح يسيبه .. عن الدور اللي لعبه في حياة كل واحد فيهم و في تعافيه .. عن الانسان الجديد اللي هوه خلقه في كثير منهم .. حس برغبة غريبة جامحة .. انه يضحك و يقهقه في الضحك من الاعماق .. انه يقول لهم يا اللا بينا كلنا نروح دلوقت على بار .. و نشرب و نضحك و نسهر للصبح .. و نعدم الماضي و الحاضر و المستقبل .. يا اللا بينا نروح نسكر .. و نعيش في زمن واحد عنوانه الفرح و النشوة .. طلع تليفونه و بدأ يصور الجلسة و دموع الفراق .. و حس ان ما فيش حاجة في الدنيا من هنا و رايح .. ح يبقى لها اي قيمة و لا طعم و لا معنى .


( الثالث )




مافيش حاجة طول عمره بيعتبرها فعل تدمير لهذا الكوكب .. اكثر من المزيد من الاطفال .. دايما المزيد منهم كان بيترجم في ذهنه للمزيد من قطعان معدة للذبح .. اذا كان فيه زعيم لنقابة عالمية لكارهي الاطفال .. كان ح يرشح نفسه للمنصب بكل حماس .. جلس على مقهى و هو بيفكر في هذا العجوز المخرف و اختباره العجيب .. لقا نفسه مجبر على مراقبة الاطفال العابرين مع اهاليهم مراقبة جدية .. حس ان اعظم كائن في هذا الوجود .. هو ذئب متخصص في افتراس كل ما هو صغير من موجودات حية .. اذا كانت فترة الطفولة هي فترة مجبرين عليها .. فترة بتتناقلنا فيها الايدي زي قطع الاثاث .. فما اغبى فكرة اعادة انتاجها في حياتنا من تاني .. كأنه جوع انساني للألم و الصراخ و العبث .. لقى نفسه بيتطوع للعمل في دور الايتام .. زي معقد من الحريق بيتطوع للعمل في المطافي .. مع اقترابه من الاطفال لقا اشباح الماضي بتخرج من اضرحتها .. وقود متواصل لمحرك من الالم .. غريب و مدهش ما يمكن ان يسعد الاطفال او يثير اهتمامهم .. مخلوقات بسيطة جدا مليانة با الغاز غريبة جدا .. اكتشف انه مش محتاج لأي مجهود علشان يخللي مجموعة اطفال تتعلق بيه .. غير انه كشخص بالغ .. يمشي معاهم كتابع .. يسيبهم يقودوا زي تايه في مغارة بيتبع عميان .. لما بدأ يصور الاطفال و بكائهم لما قال لهم ان دي آخر مرة ح يشوفوه فيها .. حس برعب من نوع غريب .. المرعب بالنسبة له كان سهولة الاختبار .. و سهولة العبور فيه .. فيه شيئ سهل جدا في الموضوع .. مقلق و مرعب من كثر سهولته .. شيئ بديهي بيطل عليك في وجهك بوضوح .. يربكك بوضوحه .. يعجزك من سهولته و يسره .. حس بكره لهذا العجوز الغني .. الغبي .. كره للاختبار و لنفسه .. كره لزميليه الاتنين و لكل تفاصيل اللعبة .. هل ممكن ناس كبار و المفروض ناضجين .. يشاركوا في لعبة ما اسهل ان يكتشف سخافتها و مللها .. اي شلة من اصحاب اطفال .. بيلعبوا كل يوم لعبة جديدة .. مختلفة .. في قارة لوحدهم .. ما بيعتبهاش نهائيا .. هذا الكائن المقرف المسمى بالملل .


( الاجتماع الاخير )

جلس الثلاثة حوالين مكتبه .. نص دايرة من وشوش من غير انطباع .. عبروا الاختبار كلهم .. و الاختيار له هوه الآن .. عن مين فيهم اكثرهم نجاحا .. عن الدموع الاصدق عذابا .. بدأ ينتقل بعينيه بين وشوش ما فيش فيها اي لمحة من الاهتمام القديم .. ما فيش اي مظهر لحماس او ترقب .. مجرد موظفين منتظرين في اجتماع روتيني .. ابتسم ابتسامة غريبة .. بعد كده كل واحد فيهم ح يحكي لأصدقائه .. انه حس انه عايز يصرخ .. اول ما اترسمت هذه الابتسامة على وش العجوز الغني .. و بدأ اخيرا يتكلم .





10 views0 comments

Comments

Rated 0 out of 5 stars.
No ratings yet

Add a rating
Post: Blog2_Post
bottom of page