كام مرة ح تركب تاني القطار اللي راجع على اوجسبرج ؟ و امتى ح تحس و انت بتركب انك فعلا مروّح ؟ بتتراكم السنين في نفس المكان .. نفس التراكم القديم . و مع تراكمها بيبهت في العقل المعنى الجديد للوطن ! " قلت اربيها وزة .. ولم تكبر اقطفها ، لكن الوزة قلبت طير جارح " .. " الفاتحة على روح اللي يخون العيش و الملح " .. " لولا صوتك ماكنتش شفتك " .... كلمات سمعتها في الشارع او في افلام . بتعبر على بالي و الثلج بيهاجم شباك القطار بخشونة .. و المزارع و التلال و الوديان قدامي زي بحر من الملح . و الريح ... أكبر تحدي هوّ الريح !! باتعامى عن قسوة الريح ، و اتعامل معاها كمنبع مقبول للرومانسية ، وهي بتضرب المدينة مع وصول القطار بسياط من الثلج .. جو رائع للتمشي للبيت ، و أروع مع قزازة بيرة تدفي الطريق... يمكن إرهاب الطقس ، و أطرافك المسجونة في الرعشة ، و القصص من الماضي اللي بتتابع على ذهنك و انت ماشي مع البيرة في الطرق اللي عارفها و عارفاك .. يمكن يجدد كل ده طموحك في الوصول ، و الإسترخاء اخيرا في واحة البهجة .. المسروقة من خزانة العبث .. و الألم ، و ما لا ينتهي من التعب . بتنعشني فكرة اني انا الرجل الوحيد الماشي في الطريق ، و بتملاني بإحساس من القوة ، هل من الطبيعي قدرتك على المشي في عاصفة من هذا النوع ؟ يا ترى انت فعلاً اللي ماشي ؟ و اذا ما كانش انت !! يبقى مين ؟؟ في طفولتي كان اصعب انواع الألم عليّ هي آلام الحروق ، إعتدت اني اضغط على الحرق علشان اوصل بالألم الى اقصى حدوده .. تمرين استخدمته بنجاح فيما بعد ، مع الستات .. و مع المدن . بيضيع وجه المدينة و بتضيع معالمه أكتر و أكتر .. و انا باقلب صفحات الذاكرة و أدور بين ظلالها.. الصفحات المبكرة بالذات كانت دايما بتبعت للقلب رسائل من النشوة ، اما الآن .. ورغم التصاعد البطئ للكحول .. رغم الغلاف من السحر اللي بتغلف بيه العاصفة المدينة .. باأمد ايدي في جيوب القلب أدور على شئ من النشوة !! لا أثر على الأطلاق !! بالتأكيد كانت تستاهل الحب .. و مع ان الحب بقى بالنسبة لي زي المزارات الأثرية .. قابل للإستدعاء فقط كشكل أو صورة .. لكني بافكر فيها مع شئ من الدهشة .. يا ترى هي فين ؟ يا ترى كانت تستاهل الحب ؟ كل آمالي و أفكاري بتتركز في انتظار هدية ما .. تبعتها العاصفة في اللحظة دي بالذات ، ترجع للقلب طفولته أو مراهقته .. و تزيح ما تبقى من العطش !! على ذكر العطش بتخلص البيرة ، تماما قدام المحل المواجه لبيت ( موتسارت ) ، فرصة لقليل من الدفء .. و المزيد من البير ة . سنتين فقط قضاهم ( موتسارت ) في اوجسبرج ، سنتين بيشكلوا فخر المدينة الأكبر و اعتزازها الأهم و الأبقى .. باتأمل بيته اللي تحول لمتحف و مزار .. و بتخطر على بالي فكرة أو سؤال محرج !! ياترى ح تحتفل المدينة في يوم بسنواتي اللي تراكمت فيها مجانا ؟؟ يافطة مهيبة يتكتب عليها " هنا كان يسكن شاعر أوجسبرج " !! أعتقد ان المصريين صنعوا في القِدم حضارة لا شك في عظمتها .. و أعتقد ان توقفهم كان نتيجة لكلمة أطلقها واحد فيهم .. و إنتشرت بينهم بسرعة و فاعلية : " إوعى تحلم بالخلود يا أيها الحالم ! ". ايه اللي طال عليّ بالتحديد ؟ الطريق تحت الثلج و الريح و الوحدة ؟ و الّا العمر ؟ و الّا انتظار المحبة ؟ اللي فاضل من الطريق بيظهر قدامي زي غابة وحشية .. خطوات قليلة و تلاقي في سريرك بهجة الإستلقاء .. ح تستقبلك في غرفتك شمس دافية .. و ح تطل عليك في وحدتك عيون من الجنة .. خطوات و توصل .. و ابدا مش ح تكون رحلتك دي تحت العاصفة .. آخر دروس الأمل .
top of page
bottom of page
Comments